هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المخطوطات العربية في بطرسبرغ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد الديسطي
عضو نشيط
عضو نشيط
محمد الديسطي


المشاركات : 243

المخطوطات العربية في بطرسبرغ Empty
مُساهمةموضوع: المخطوطات العربية في بطرسبرغ   المخطوطات العربية في بطرسبرغ Emptyالإثنين مايو 27, 2013 11:25 am

(عنوان المخطوطات العربية في بطرسبرغ )



أكرم خزام:
صمت نهر (النيفا) -الذي يخترق (بطرسبرغ) عاصمة الشمال الروسي المدينة المليئة بالكنوز التاريخية والثقافية والأدبية والفنية- يخفي حكاية من حكايات هذه المدينة الجميلة تروي كيف غدت (بطرسبرغ) وعاء ثقافيا ونهرًا صبت فيه روافد مختلف الحضارات، ومنها الحضارة العربية.

ويرتبط اسم هذه المدينة بحاكم روسيا القيصرية في القرن الثامن عشر (بطرس الأكبر) الذي فتح نوافذ بلاده على الغرب، وازدهرت روسيا في فترة حكمه ازدهارًا ملحوظا في جميع المجالات الاقتصادية منها والعسكرية، وبشكل خاص الثقافية والأدبية.

(بطرسبرغ) يطلق عليها تاريخيا لقب العاصمة الأدبية والثقافية لروسيا، لما فيها من متاحف تعج بالكنوز الفنية، ومعاهد خرجت لفيفًا من ألمع الكتاب والساسة وعلماء الفلسفة والتاريخ والفنون.

على أن (بطرس الأكبر) أراد الانفتاح أيضا على الشرق عموما، وعلى العالم العربي خصوصا.

معروف أن (بطرس الأكبر) أمر بترجمة القرآن الكريم الذي نقل في حينه من الإنجليزية والفرنسية إلى اللغة الروسية، كما أمر أيضا بإرسال الاختصاصيين إلى منطقة العالم العربي للتعرف على ثقافة كانت مجهولة بالنسبة للروس.

وقد تمت أول ترجمة للقرآن إلى الروسية عن الفرنسية عام 1616، وتلتها ترجمة ثانية عن الفرنسية أيضًا عام 1790، ثم عن الإنجليزية عام 1792، أما في عهد (كاثرينا الثانية) وبأمر منها تمت طباعة القرآن باللغة العربية عام 1787، في حين صدرت أول ترجمة للقرآن عن العربية عام 1871.


مخطوطة عربية نادرة
وبطرسبرغ تشكل شاهدًا حيًا على تلاقي الحوارات العميقة بين الشرق والغرب من خلال أوراق صفراء عتيقة كتب فيها من الروائع النفيسة الأدبية والعلمية والفلسفية والفنية ما ظل خالدًا حتى يومنا هذا، إنها المخطوطات العربية.

وقد يكون الاهتمام بالمخطوطات نوعًا من محاولة النبش في السطور البالية المطموسة، بغية التعرف على الحياة الماضية واستعادتها من جديد، بعد أن كانت مطمورة تحت الأرض أو في الصناديق المنسية مئات السنين.

وللتعرف عن كثب على النفائس العربية في (بطرسبرغ)، كان لا بد من الالتقاء بالاختصاصيين الذين انكبوا على دراستها وتمحيصها وتفحصها والاحتفاظ بها، بغية نقلها إلى الأجيال لتكوّن بذلك نسيجا يجمع الماضي ويفتخر به، ويفرشه على بساط الحاضر كفرصة لتنعم الأجيال الجديدة بما يحتضنه من فوائد معرفية وعلمية. من هؤلاء الاختصاصيين الدكتورة (أولغا فرالوفا) التي غرقت سنين عديدة في بحر من البحث في المخطوطات العربية، حيث تعايشت معها منذ التحاقها بكلية الشرقيات في إحدى جامعات (بطرسبرغ)، إذ تتلمذت على يد الأكاديمي الشهير (إغناتي كراتشوفسكي)، ولنا مع هذا الاسم وقفة خاصة لما قدمه من فتح جديد في قصة المخطوطات العربية.

(فرالوفا) تعتبر شاهدًا حيًّا على كيفية وصول المخطوطات العربية إلى (بطرسبرغ)، وفي ذاكرتها نسيج دافئ وصورة خلابة لتراث عظيم انتشر في كافة أنحاء العالم وفي الاتحاد السوفييتي السابق بشكل خاص، إذ يشغل من حيث عدد المخطوطات العربية المتوفرة فيه، المرتبة الرابعة في العالم بعد تركيا ومصر وإيران، ويستدل من آخر المعطيات أن الاتحاد السوفييتي السابق يحوز ما يربو على أربعة وأربعين ألف مجلدًا، عدا عن بضع عشرات الألوف من المحاضر والوثائق المدونة باللغة العربية.

والمراكز الرئيسية التي يضم كل منها بضعة آلاف من النسخ هي مؤسسات الاستشراق، ودور المخطوطات في (بطرسبرغ) وطشقند وباكو، وثمة مجموعة غنية من المخطوطات العربية كذلك في (قازان) و(دوشنبيه) و(وتبليسي) و(ويريفان) و(موسكو) وطائفة من المدن الأخرى.

الأهم في ذكريات (فرالوفا) عشقها لمعلم المعلمين -كما وصفته- وتقصد بذلك الشيخ محمد عياد الطنطاوي أحد شيوخ الأزهر الذي وصل إلى (بطرسبرغ) عام 1840 وفي جعبته العشرات من المخطوطات العربية القيمة. وتشير (فرالوفا) إلى أن الطنطاوي أسهم إسهاما كبيرا في تدريس اللغة العربية لجيل من المثقفين الروس أغنوا البحث فيما بعد بقصة المخطوطات العربية وقيمتها وأثرها على الروس من حيث الفائدة وغنى المعرفة.

التقدير والأمانة لدور معلم المعلمين دفعا (فرالوفا) إلى البحث عن قبره في أحد مقابر (بطرسبرغ)، وقد حدثتنا أنه توفي عام 1861، وبسبب عدم توفر السهولة والسرعة في نقل جثمانه إلى مصر في تلك الفترة تم دفنه في المدينة التي عمل فيها احدى وعشرين سنة.

ميخائيل بيانزوفسكي:


د. ميخائيل بياتروفسكي
أولا: أعتقد أنه في القرن التاسع عشر إرسال جثة إلى مصر كان شيء صعب جدًا، لا يمكن يكون مستحيل، مل شيء، كان لا يوجد شيء مستحيل لروسيا في القرن التاسع عشر، بس كان صعب جدًا، الشيء الثاني: أن المقابر الإسلامية مقبرة المسلمين موجودة في (بطرسبرغ) لأنه كان هنا دفنوا... [كلام غير مفهوم] ممكنا، والشيء الآخر لازم دفن الإنسان خلال يوم واحد، وهذه هي العادة الإسلامية أيضًا يمكن كانت لعبت دورها في هذا، ولكن أهم شيء أن هناك في ما كان يعيش في بلد غريب إطلاقًا.

(سان بطرسبرغ) هو مدينة مسيحية والإسلامية، مِنْ أول الناس قاموا ببناء (سان بطرسبرغ) كانوا الجاليات والعائلات الإسلامية من الأولغا ومن دول أخرى، فالإسلام موجود هنا وعندنا -طبعًا هذا بعد الشيخ الطنطاوي- أجمل جامع المسجد في أوروبا موجود هنا وبجنب الكنيسة الرئيسية يعني، لا يمكن أن يكون في أي مكان آخر في أوروبا، وباعتقد أن أهم شيء عندنا أنه فيه مقابر موجودة مقبرة موجودة في (سان بطرسبرغ).

أكرم خزام:

الناس في هذه المقبرة لا يصدقون إمكانية وجود جثمان في هذا المكان دفن في تلك الفترة الغابرة، لكن العارفين ومنهم (فرالوفا) يصرون على وجوده.

تتمازج الفرحة بالعثور على الرمز الذي يطلق عليه لقب (معلم المعلمين) من جهة، وبالتعريف بقيمة غنية أدت قسطها في الحياة دون أن ترحل عنها بدون أثر يذكر من جهة ثانية.

د. ميخائيل بياتروفسكي:

أعتقد أنه الشيخ الطنطاوي موجود هنا في الراحة، وبالنسبة لنا هذا مهم جدًا، لأن هذا الإنسان العالم هو رمز من رموز هذا التقارب الثقافي بين الحضارة الروسية والحضارة العربية، موجود مدفون عندنا في مدينة (سان بطرسبرغ) هذا الرمز الذي واحد من رموز هذه المدينة التي هي مدينة التعاون بين مختلف القوميات والحضارات والأمم، هذه المدينة هي مدينة للروس، ومدينة للفينز، ومدينة للألمان، ومدينة للمسلمين والتتر، وإلى آخره نحن، مدينة لجميع الحضارات، ووجود الشيخ الطنطاوي وجثته معنا مدفون في (سان بطرسبرغ) هذا شيء قريب جدًا لقلوبنا هذا جيد و.. رمز بل أكثر من رمز لأنه -كما قلت- إن الطاقة الداخلية موجودة، نحن نحس بوجوده.

أكرم خزام:

تتفتح ذاكرة (فرالوفا) لتلقي الضوء على مؤلَّف للطنطاوي يتمتع بأهمية استثنائية -حسب رأيها- يسمى معجم اللهجة المصرية الذي يحتوي على قصص شعبية، وطرائف، ونصوص أغاني، وأمثال شعبية تعكس أجواء الحياة وغناها في مصر، وتشير فرالوفا إلى المخطوطات التي جلبها معه الطنطاوي من مصر، والخاصة بالفيلسوف ابن عربي ناهيك بمؤلفات عديدة عن الصوفية.

الأهم أن مكتبات (بطرسبرغ) تحتفظ بمؤلفات الطنطاوي التي كتب فيها تأملاته وأفكاره عن فترة وجوده ومشاهداته عن عاصمة الشمال الروسي، ومن هذه المؤلفات تاريخ خمسة وعشرين سنة من تتويج قيصر روسيا نيكولاي الأول، وتاريخ قدوم سعادة عهد روسيا الأمير (ألكسندر) مع خطيبته الأميرة (ماريا) وتزوجه بها، وتاريخ رجوع الدوقة ماكسمليان لهتنبرنغ من مصر إلى بطرسبرغ، وتاريخ جلوس القيصر ألكسندر الثاني على عرش روسيا، ناهيك بجزء من تاريخ الخلفاء. كما تحظى المكتبات بآخر ما دونه الطنطاوي قبيل رحيله عن الحياة، وتبدو في الوريقات الصفراء -التي خَطَّ عليها خطوط قلمه- متعثرة وعاجزة عن الكتابة بيسر وحرية.

وفي مكتبات ومعاهد بطرسبرغ تمتلئ الخزائن العتيقة بكنوز الثقافة العربية، حيث تتلهف الأيادي لتلمسها بغية غرف ما بداخلها من معانٍ وقيم فريدة عكست ثقافة العرب وتنوع إسهاماتهم في الطب والفلسفة والعلوم واللغة والجغرافيا والتاريخ وعلوم المنطق والفلك.

أعمال ابن سينا والفارابي والرازي والبخاري وأبو حامد الغزالي والشيرازي ووحمزة بن الحسن الأصبهاني وعمرو بن بحر الجاحظ والسمرقندي، تشكل علامات فارقة أسهمت في تعريف الاختصاصيين الروس بمختلف مجالات الحياة التي طرقها العرب في الزمن الغابر.

وتحتل أعمال الذبياني والمتنبي والفيروزآبادي وأبو الفرج علي الأصفهاني والقاسم بن علي الحريري وعبد الرحمن بن خلدون مكانة خاصة في الأمكنة التي تكتظ بها المخطوطات العربية في مكتبات ومعاهد بطرسبرغ، والأثر الذي أحدثته في تلقف محتويات هذه الأعمال بالنسبة للاختصاصيين الروس العاملين في حقول اللغة والأدب والفلسفة.

وتضم المكتبات مخطوطات تعود إلى فترة ما بين القرنين الثاني عشر والتاسع عشر وصلت عبر طرق مختلفة، إما عبر سفر الرحالة الروس إلى أماكن متعددة من منطقة العالم العربي، أو بواسطة شخصيات عربية قدمت إلى روسيا مع بداية القرن التاسع عشر.

وتثير المخطوطات العربية الخاصة بعلم الفلك اهتمامً خاصً لدى الباحثين الروس، ومن أهم المخطوطات في هذا المجال ما كتبه عالم الفلك الفارسي (كوشيار بن لبّان) باللغة العربية كعادة كافة الكتاب المسلمين في ذلك الزمان، واسم المخطوطة: مدخل إلى صناعة أحكام النجوم، وقد كتبت عام 1130ميلادية حيث عرض فيها الكاتب أسس علم الفلك.

وإلى جانب وجود نسخ عديدة للقرآن نجد اهتماما خاصا بالمخطوطات الأدبية الإسلامية، وخاصة الكتاب الذي يعنى بالقصائد عن الأئمة الشيعة لمؤلفه صالح الحسين النجفي تحت عنوان: الدرر الغررية في نعت الأئمة الاثنا عشرية، كما نجد من مخطوطات القرن الثامن عشر مخطوطة تضم مقدمة لكتاب عن الإمام علي، وثمة مؤلفان للكاتب البوصيري الذي كتب قصيدة البردة في القرن الثامن وفيها آيات المديح بالنبي محمد.

ومن الأدب المسيحي العربي في القرن الثامن عشر نجد مخطوطة تضم مؤلفات شعرية لا يشار إلى اسم كاتبها، ناهيك بمخطوطة كتاب البستان في نزهات الندمان تتضمن حكما وأمثالا شعبية.

وجود هذه الأعمال وغيرها من المخطوطات التي تتسم بقيمة علمية وفنية وتاريخية، يعكس إنتاج الثقافة العربية لأعمال شاقة ومضنية كتبت طيلة قرون خلت، ويهدف إلى استنطاق عظماء الماضي ومنحهم قدرة التحدث إلى الأجيال المعاصرة في حوار عميق الهدف يرنو إلى إحياء المعاني الأصيلة المفتقدة، رغم تعدد التفسيرات حول اهتمام الروس بالمخطوطات العربية.

د. أولفا فرالوفا:


د. أولغا فرولوفا
بالنسبة لي، كل شيء في حياتي، لأني أنا غير متزوجة، ولا يوجد عندي أسرة، ولذلك حياتي كلها متصلة بالمخطوطات العربية، يعني أنا شعوري شعوري أنا كأني أتحدث مع الناس، مع العلماء اللي عاشوا منذ زمن قديم، يعني كأنني أسمع صوت القرون، صوت الأجيال القديمة، يعني هذا حبي وربما سعادتي لأنني في إمكانياتي أن أتحدث مع العلماء اللي عاشوا من زمن قديم لمدة قرون بعيدة.

د. ميخائيل بياتروفسكي / مدير متحف الأرميتاج:

أعتقد أن وجود المخطوطات العربية في المكتبات الروسية كان مهما جدا لأن الغرب لا بد أن يفهم أهمية الحضارة العربية، ولكن كان لا بد من الناس الذين قدموا حياتهم -عدة أجيال- في دراسة هذه المخطوطات، ولبناء على هذه المخطوطات كتب ودراسات التي أصبحت مقدمة للغرب وللعالم ككل للحضارة العربية، لأن الآراء بصورة عامة تحتاج إلى ترجمة، ترجمة من حضارة إلى الحضارة، وهذا دور الدراسات الشرقية، والدراسات الشرقية لا يمكن أن يكون ثابتة وقوية وصادقة إلا باستناد على المخطوطات، لأن المخطوطات هي الوثائق، الوثائق الأصلية، والدراسات الشرقية لها أهمية حقيقية، والأهمية الحقيقية هي التي تستند على المخطوطات والوثائق وعلى معرفة جيدة للمخطوطات والوثائق، لأنه لا يمكن الإنسان يكون متخصص في الدراسات العربية بدون أن يكون خبيرًا في المخطوطات، وقادرًا على قراءة المخطوطات، وفهم الارتباط بين المخطوط والمخطوط الآخر، وموضوع النصوص ودراسة النصوص... وإلى آخره.

المخطوط وسيلة، والإنسان حتى ولو لا يقدر أن يقرأ العربية، إنما ينظر إلى المخطوط، أيضا رأيت هذا في معرض (بطرسبرغ) لأننا احناعرضنا كثير من المخطوطات للقرآن، ومخطوطات صنعا القديمة، والناس لا يفهمون لا يفهمون الكلمات، لكن يفهمون من هذه المخطوطات العمق الحضاري، وما يهمنا أن هذا الشيء العظيم والقديم، وهذا يسهل على حوار الحضارات، وهذا الشيء الأساسي في كل الدراسات الشرقية.

د. أنس خاليدوف / معهد الاستشراق في بطرسبرغ:


د. أنس خاليدوف

لو لم يكن هناك اهتمام بالمخطوطات العربية لما لقيت هذا الجمع لها في عاصمة الشمال الروسي (بطرسبرغ)، ويعود سبب الاهتمام بالدرجة الأولى بالمخطوطات ليس لأنها مخطوطات عربية فحسب، وإنما بالعالم الإسلامي أيضا، خاصة وأن روسيا تلاقت وتجاورت مع المسلمين ودولهم على مر السنين، في حدودها الجنوبية بدءا من آسيا الوسطى والقوقاز ومرورًا بإيران وانتهاء بتركيا التي كانت في القرن التاسع عشر إمبراطورية خضعت لها العديد من الدول العربية.
ومن جانب آخر تسعى روسيا للاهتمام بالمسيحيين العرب، وخاصة الأرثوذكس القريبين من الكنيسة الروسية، والأهم أن الأماكن المقدسة موجودة في العالم العربي، وبشكل خاص في القدس وما حولها، وهذا يدخل أيضا في اهتمامات روسيا.
أكرم خزام:

وفي مكتبات ومعاهد بطرسبرغ نعثر أيضًا على عناوين متنوعة وعديدة تشمل اختراعات العرب ومساهماتهم في مختلف جوانب العلوم اللغوية والفلسفية والرياضيات والطب، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: نبذة من تاريخ العرب، ونبذة من كتب الطب والفلسفة، والمجلد الأول لكتاب المواعظ والاعتبار للمقريزي، ومنتجات من لزوم ما يلزم لأبي العلاء المعري، والمقامات للقاسم بن علي الحريري، ومقالة لأقليمون في الطبائع وعن الحرارة والبرودة والرطوبة والمرارة والحلو والمر وإلى غير ذلك، وكتاب الشفاء في المنطق لابن سينا، وكتاب المفضل [المفصل] في النحو للزمخشري، وأجزاء من كتاب الأغاني لأبي الفرج على الأصفهاني، والمجلد الأخير من الكامل في التاريخ لابن الأثير، وكتاب قصص الأنبياء، والجزء الأول من السيرة النبوية لعلي بن برهان الدين الحلبي، وروضة العلماء ونزهة الفضلاء للبخاري. كما نعثر أيضا على الرسالة الموسومة بحق اليمين في معرفة رب العالمين للتبريزي، والرسالة القدسية في أسرار النقطة الحسية لمحيي الدين بن عربي.

ورغم اهتمام الباحثين والاختصاصيين بالمخطوطات العربية إلا أنها -وبفعل عوامل كثيرة- تتعرض تارة للاهتراء وللتلف تارة أخرى، ناهيك بعدم وضعها وترتيبها في مناخ صحي يساعد في الحفاظ عليها، كما تتعرض أيضا إلى محاولات السرقة من قبل رجال المافيا. ويذكر أن أحدهم أقدم على سرقة مخطوطة نفيسة للقرآن وضعت في أنبوب معدني، وهي قطعة نادرة للغاية حاول بيعها بمائة مليون دولار، لكن السلطات الأمنية قبضت عليه صدفة، وأعادت هذه المخطوطة إلى المكتبة الوطنية التي تذخر [تزخر] أيضا بالعديد من المخطوطات العربية النادرة.

د. ميخائيل بياتروفسكي:

المخطوط الجلد أو الورق، لأنه الورق لا يمكن يعيش للأبد، فيه لها حدود وعلينا.. علينا جميعًا ليس فقط على المتخصصين في الدراسات العربية، ولكن أكثر على الكيماويين والناس المتخصصين في علوم البيئة الجوية، أن يدرسوا الطرق للحفاظ على هذه المخطوطات إلى القرون القادمة، هذا مهم، ونحن نرى أن هناك تجربة واسعة في العالم بصورة عامة، وهي الاحتفاظ بالمخطوطات، كيف يكون ترميم المخطوطات، أنا ذكرت أن مخطوطات صنعا، وجدت في جامعة صنعا في حالة فيها الكثير من التلف الكامل، وهناك برنامج الترميم متقدم جدا عالمي، ونتيجة لهذا البرنامج أصبحت هذه المخطوطات كلها في شكل جيد، ويمكن قراءتها سليمة، علينا أن ندرس ونستخدم كل هذه الآلات الجديدة لترميم وحماية المادة.

د. أنس خاليدوف:

العمل مع المخطوطات العربية لا ينتهي على الإطلاق، وفي كل مرحلة تبرز مهام جديدة تتعلق بالتغلب على الصعوبات وتطوير العمل باتجاه الأحسن من جهة، تجدر الإشارة إلى أن المخطوطات عموما تعتبر من الزمن الغابر، وبقيت كذلك في أيامنا هذه، فلا طباعة المخطوطات جديدة لا من العالم الإسلامي والعربي أو غيره. وأمام المعاصرون تقف مهمة الحفاظ على ما هو متوفر من المخطوطات في ظل خطر ضياع المنجزات الثقافية القديمة، الأمر الذي يتطلب تخصيص أموال إضافية، لأن ما تحصل عليه (بطرسبرغ) من الحكومة لا يكفي، ناهيك بضرورة أعمال الترميم والتجليد للمخطوطات بشكل دائم ولأماكن حفظها، من خزائن وغيرها. المخطوطات من صنع الإنسان، وبالتالي فهي معرضة للزوال تدريجيا، مما يعني بذل جهود حثيثة لصونها.

أكرم خزام:

وعلى الرغم من أن عوادي الزمن يمكن أن تنال من النصب التاريخية، وتهدم الكيانات إلا أنها -وعلى ما يبدو- عاجزة عن إتلاف هذا الرصيد الحضاري الكبير، ونقصد بذلك المخطوطات العربية.


نسخة نادرة من القرأن


وبين القلق على مصير المخطوطات العربية في (بطرسبرغ)، والأمل في حفظها كرمز من رموز الإشعاعات العربية، تغمرنا السعادة بوجود المخطوطات الشرقية والآثار الإسلامية في متحف (الأرميتاج) الذي يعتبر واحدا من أهم المتاحف الفنية في العالم.

متحف الأرميتاج لا يهدأ من استقبال زائريه الذين يتوقون دائما للتعرف على خيرة ما أنتجته البشرية في مجال الفنون التشكيلية، ويعتبر وجود المخطوطات الشرقية في الأرميتاج دليلا آخر على تمازج الثقافة الغربية بالشرقية، وعلى استيعاب الروس لثقافة أغنت العالم بأفانين الأدب والموسيقى والعلوم. ويحظى القسم الشرقي بمكانة خاصة في هذا المتحف الذي يديره المستعرب (بوريس بياتروفسكي) المختص بتاريخ الفن الإسلامي.

بوريس بياتروفسكي:

نحن لازم نشرح الحضارة للحضارة الأخرى، نشرح الارتباطات بين الحضارات، ولا شك أننا كلنا نحن كلنا داخل حضارة عالمية واحدة، ومثلا في هذا الغرض نحن عملنا معرض كبير عن الفن الإسلامي في أمستردام، لنشرح للناس في أوروبا ما هي جمالة الفن الإسلامي؟ الفن العربي الإسلامي والإيراني الإسلامي وإلى آخره، ونشرح أو نفسر أن هذا الفن برغم أن هو... هناك هو... لأنه يختلف عن الفن الأوروبي، ولكن أيضا له أصول، أصل واحد، أصل واحد وراح جانب أو طريق إلى أوروبا وطريق إلى الشرق، ولكنا نحن ممكن أن يفهم بعضنا بعض.

أكرم خزام:

الحرص على صون المخطوطات العربية في (بطرسبرغ)، ناهيك بتطوير العلاقة بين روسيا والعالم العربي في المجال الثقافي، يدفع بالمسؤولين والاختصاصيين من الجانبين لعقد لقاءات في عاصمة الشمال الروسي بهدف التشاور وتبادل الآراء حول كيفية الاستفادة من التراثين الثقافيين العربي والروسي، والتباحث في كيفية حفظ تراث عربي أسهم في نقل قيم روحية رفيعة المستوى إلى كافة أصقاع العالم، لكن هذه اللقاءات لا تزال في إطارها الضيق، ولم ترتقِ بعد إلى الدرجة المطلوبة من حيث العمق والغنى.

د. ميخائيل بياتروفسيكي:

هناك فيه مفاوضات وأيضا فيه تبادل التجربة، وبالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية ومع بعض المعاهد والمؤسسات العلمية والمتحفية في الجزيرة العربية وفي الخليج، هناك ولكن يمكن أن نقول أن هناك لسه فيه مجال واسع، وأنت ذكرت اليابان، ويمكن نذكر تجربة اليابان، اليابان كان فيه عندهم صندوق ياباني يكون بصورة مادية في المساعدة والحفاظ ودراسة التراث الياباني في كل العالم، وكل سنة الصندوق يرسل الكتب والمواد ومبالغ معينة للمتخصصين في كل العالم الذين يعملون في دراسة الحفاظ على التراث الياباني، مثلا نحن حصلنا على عدة مساهم [مساهمات] من اليابان لدراسة التراث الياباني، للحفاظ على التراث الياباني، لتسجيل التراث الياباني الموجود في المخطوطات، ونحن نعرف مثلاً أن اليابانيين قاموا بتزويد كثير من أقسام الفن الياباني في متاحف أمريكا وأوروبا بالأدوات الجديدة والفترينات الجديدة وكل التصميمات. أنا أعتقد أن المؤسسات العربية فيه مجال واسع في هذا الجانب لمساهمة والتعاون وفي تطوير مثلا المعارض وخزائن المخطوطات في روسيا مثلا، نحن مثلا نحن نفكر في أن نعود لهذا المعرض للفن الإسلامي في (أمستردام)، وبعدين يكون طول الصيف في (الأرميتاج) في (سان بطرسبرغ) بعد ذلك، نحن نفكر في تجديد وتغيير شكل معرض الفن الإسلامي الموجود في (أرميتاج) لأنه هو شويه قديم.

عبد العزيز الهنائي سفير سلطنة عمان لدى جمهورية مصر العربية:


عبد العزيز الهنائي

أنا أشارك قلق المهتمين الروس حول مستقبل الوثائق والكتب والمخطوطات العربية الهامة والكبيرة في سان (بطرسبرغ) وفي المدن والمكتبات الروسية العديدة، هذه ثروة حضارية كبيرة للعالم العربي، نقدر الأوضاع التي تمر بها روسيا في مرحلة التحولات الكبيرة، وما يريحنا بعض الشيء أن هؤلاء المهتمين يعملون بكل جهد، رغم إمكانياتهم البسيطة، نحن في العالم العربي يمكن أن نعمل باتجاهين: العمل الجماعي العربي من خلال جامعة الدول العربية، لأنه يهم الحضارة العربية بشكل عام، والشعب العربي، الأمة العربية، يمكن أيضا أن يتم العمل من خلال العلاقات الثنائية، الاتفاقية الثقافية التي تم توقيعها بين روسيا الاتحادية والبلدان العربية، لدينا اتفاقية شبه جاهزة ثقافية، أحد بنودها وأهم بنودها هو التعاون في مجال المخطوطات وترميمها والحفاظ عليها وتبادلها.

أيضا أوجه نداء خاص لرجال الأعمال العرب المهتمين، يجب ألا ينصب اهتمامهم فقط حول العلاقات التجارية، عليهم أن يركزوا أيضا جول الجوانب الثقافية، ولديهم إمكانيات كبيرة، وعليهم أن يدعموا المؤسسات الموجودة في روسيا والمؤسسات العربية التي تهتم بالوثائق لكي تتعاون على للحفاظ على هذا الإرث الحضاري.
د. أنس خاليدوف:

المخطوطات العربية في (بطرسبرغ) جزء من وجودها في العديد من بقاع الأرض، وبالتالي ينصب اهتمام العلماء على العثور على جوانب غير مدروسة في المخطوطات سابقًا، وإيجاد مقارنات ومقاربات بين هذه المخطوطة أو تلك، واكتشاف سطور لم يجرِ الحديث عنها بعد في مخطوطات قيمة، والقيام بأعمال تصب في إطار نهر الأبحاث الخاصة بالتاريخ والعلوم المستندة أصلا إلى المخطوطات العربية.

أكرم خزام:

المخطوطات غالبا ما تسوق أقدار الناس على نحو غير متوقع، وتوجههم حسب إرادتها ورغبتها، ومن الصعب جدا على الإنسان الذي تعايش معها أن يخرج من تحت سلطانها، ويبدو أن ظل المعلمين، ومنهم الشيخ الطنطاوي لا يحجب ظل التلاميذ الذين احتكوا عن قرب بالمخطوطات العربية وسحروا بها وفتنوا.

وكما تحدثت المخطوطات مع المعلمين تحدثت أيضًا مع التلاميذ وبلسان حي، ومن هؤلاء التلاميذ الذين رحلوا عن الحياة في بداية الخمسينات من القرن العشرين الأكاديمي (إيغنادي كراتشكوفسكي) الذي قدم إسهامات كبيرة في مجال المخطوطات العربية بعد زياراته للبنان وسوريا ومصر، حيث انكب على دراستها في خزائن المكتبات القديمة، ليصدر بعد ذلك كتابه الشهير: مع المخطوطات العربية الذي يعتبر أساسا هاما بالنسبة للمستعربين الروس وللباحثين العرب في مجال المخطوطات.

ومن المفارقات الهامة في تجربة (كارتشكوفسكي) اكتشافه لرسالة الملائكة للفيلسوف والشاعر الأعمى أبي العلاء المعري عام 1910، عندما أوشكت إقامته في القاهرة على الانتهاء، إذ نبشها من مخطوطات مكتبة الأزهر، وصب جل اهتمامه لدارستها متسائلاً وقائلاً في الوقت نفسه في كتابه: "على أنه أصبح واضحًا لي من السطور الأولى لماذا كانت هذه الرسالة قليلة الشهرة إلى هذا الحد، فلو كان عند العرب فهرس للكتب الممنوعة والمحرمة لاحتلت فيه هذه الرسالة مكانًا مرموقًا.

ويضيف (كراتشكوفسكي): "أن الرسالة التي تبدو من الخارج رسالة نحوية تقليدية تخفي وراءها هجاء لاذعا وسخرية فكرية من فهم المسلمين لحقيقة الملائكة".

(كارتشكوفسكي) تابع مسيرة أسلافه من الباحثين والاختصاصيين، ورحل عن الحياة مخلفًا العديد من الدراسات، لكن النهل من المخطوطات العربية لم ينضب، والأكيد أنه سيستمر، فالعالم بحاجة دائمة للتعرف على جمال وغنى المعرفة.

الحديث عن المخطوطات العربية في (بطرسبرغ) أو غيرها من المدن الروسية الأخرى لا يتوقف عند المحطة التي انتهينا إليها، ونتمنى أن نكون استطعنا الإشارة إلى ضرورة الحفاظ على هذا الإرث الحضاري الكبير، الأمر الذي يستدعي لفت أنظار المؤسسات الثقافية العربية لعلها تساعد في صون هذا الإرث.

منقول


شبكه تويو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المخطوطات العربية في بطرسبرغ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اللغة العربية تقمع الجهمية الكفار
» سلسلة مقالات : إصلاح الأغلاط الشائعة في اللغة العربية (3)
» سلسلة مقالات إصلاح الأغلاط الشائعة في اللغة العربية {{متجدد بإذن الله}
» حمل نسختك من كتاب (( المؤامرة الغربية على اللغة العربية )) للشيخ الكريم محمد بن عبد الله الإمام -سدده الله-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: الأقسام الإسلاميه :: الحديث والمخطوطات والوثائق-
انتقل الى: