رسالة يبعثها الشاعر أبو رواحة الموري حفظه الله إلى العذال بعنوان :
وفيكم سماعون لهم
بسم الله الرَّحمن الرِّحيم
رسالة عاجلة أبعث بها إلى العُذَّال بعنوان:
"وفيكم سمَََّاعون لهم"
سخَّرتُ شعري لنصرِ الدِّينِ مجتهداً =أذودُ عن حوضه الأوباشَ والبُعَدا
وكم رياحٍ بـدربي كلما عصفت =صمدت فيها وبعضُ القومِ ما صَمَدا
تناولتـني أيـادي المـغرضين فما =ونَيْتُ(1)جسماً ولا قبَّلتُ ثَمَّ يَـدا
ولا انحنَيْتُ لغـيرِ الله في فِـتَـنٍ= ولا خضعتُ لحِـزْبٍ ظالمٍ أبَـدا
مَـرَّت عليَّ أعاصيرُ الهوى زَمَـناً= فما نكصتُ ولا بَدَّلتُ مُعْتَقَـدا
وذاك أنَّ إلهـي كان لي سَنَـداً= فهو الذي قد أراني الحقَّ والرَّشَـدا
عشرون عاماً بعصرِ الوادِعِيِّ مَضَت= وكلُّها في صِـراعٍ يُظهر الزَّبَـدا
وسـارَ مِن بعدِهِ أبنـاءُ دعوتِـهِ= مثلُ الحجوريْ فقد لاقى العِدا أسَدا
فلا وربِّكَ ما استهجنتُ جُهدَهُمُ= والشِّعرُ يشهَـدُ أني لم أقلْ فَنَـدا
فإنَّ للشِّعرِ فوقَ الهـامِ ألْـوِيَـةً= تُذيقُ كُلَّ جَبَانٍ خَائِـنٍ كَمَـدا
سلوا عن الشِّعرِ أحزاباً مضلِّلَـةً= وكُلَّ جمعيَّةٍ قد فَـرَّقَتْ بَـلَـدا
يُـنْبِئْكَ كلُّ حَـقودٍ أنَّ قـافيتي= قد شوَّهَت منهُمُ الأطرافَ والجسَدا
ظَنُّوا بأني إذا فارقتُ مركزَ دمَّـ = ـاجَ الحبيبةِ بثُّوا كلَّ ما فَسَـدا
فأظهروا الطَّعنَ في عِـرْضٍ ومُعْتَقَدٍ= وهكذا فعلُ من قد خانَ أو جحَدا
هُمُ اللئامُ وأصحابُ الخَنَـا فلهُمْ= خلفَ الكواليسِ طعنٌ يقذفُ الزَّبَدا
ألا اخسؤوا أيها الأوغادُ لن تَصِلوا= لِمَـا أردتم فحسبي الله مُعْتَمَـدا
يا كم رُمِيتُ بتركِ الشِّعرِ من زَمَنٍ= وأنَّ دمَّـاجَ لـن أمضيْ لها أبَدا
فقلتُ قد عشتُ دهراً في مرابعهـا= أنالُ فيها عُلُـوماً قد عَلَتْ سنَدا
فإنْ خرجتُ اضطراراً لم يكن حَرَجٌ= شرطَ الثَّباتِ على ما كنتُ معتَقِدا
وإنْ رجعتُ إليهـا وهو لي أمـلٌ= فعندها يـأكلُ الطَّعَّانُ ما حصَدا
فإنَّ فيها رجالَ العِـلمِ أحسبُـهَا= بأنَّها سوف تنفي كلَّ ما وَفَـدا
وإنَّ فيها أُبـاةَ الشِّعرِ تدفعُــها= عقيدةُ الحـقِّ ما حابت لها أحَداً
والشِّعرُ دربي ونار الشِّعرِ محرقَـةٌ= وسوف أكوي بها من ضَلَّ مُعتَقَدا
فإنَّ للشِّعرِ وَسْمـاً ليس نجعلُـهُ= إلا على جبهةِ الأنـذالِ والبُـلَدا
فلا تخافوا بني (البَيْضَـا) فإنَّ لنـا= في الحقِّ نهجاً عزيزَ النَّفسِ مُتَّقِدا
وما جبنتُ لخصمٍ كـان يزجُرُني= ولا خذلتُ نفوساً تطلبُ الرَّشَدا
لكنَّ عَيْباً عـلى خِـلٍّ تُصاحِبُـهُ= ودأبُهُ الدَّهـرَ ذَيَّاعـاً لِمَا وَجَدا
مُقَلِّداً قَالَـةَ الفحشاءِ في وَضَـحٍ= كببغاءٍ يحـاكي كلَّ من وَفَـدا
فكيف آسى على خِلٍّ بضـاعتُهُ= تَشْيِيعُ كلِّ مقـالٍ يبعثُ النَّكَدا
أما عرفتُمْ بني البَـيْضاءِ منهجَنَـا= بأنَّه واضـحٌ كالشَّمسِ حين بَدا
فلا تلوموا حروفي إنْ هِيَ انطلقتْ= فأحرقتْ مِنْ لَظاها السَّهْلَ والنُّجُدا(2)
ولا تَزُجُّوا بِخِـلًّ كان يصحبُكُمْ= إلى مهـاوي الرَّدَى إذ رُبَّما وَرَدا
أشكو إلى الله ما بي لا إلى أحَـدٍ= عليـه كلُّ اعتِمادي نِعمَ لي سَنَدا
فمـا جعـلتُ لغـيرِ الله قـافيتي= ولا رضيت بنهـجٍ سـاقِطٍ أبَدا
ولا رجوتُ سوى الرَّحمنِ في عَوَزٍ= إليه أمري ومنـه أطلُبُ المَـدَدا
سكبها من دمه وقالها بفمه وكتبها بقلمه/
محمد الديسطي