بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه , أمابعد:
فهذه القصيدة يتجاذبُها طرَفان :
الأول :ذكريات تحمل آلام الشوق والحنين... لفقيد الأمة... العلامة المجدد
مقبل بن هادي الوادعي عليه رحمة الله .
الثاني :فرحةٌ وترحيبٌ بمن جاءوا إلى دار الحديث بدمَّاج , زائرينَ ومعَزِّينَ وعلى رأسهم شيخُنا
العلامةُ أحمدُ بْن يحي النَّجمي
رحمه الله
في كوكبة مـن مشيخة المداخلة حفظهم الله تعالى.
آلام وآمــال
إني لأعْـلَـمُ أَنَّ الـقَلْبَ مجرْوحُ *** وأنَّ صَـوْتي بهـذا النَّظْم مبْحُوحُ
وأن عَيْني لفقْدِ الـشَّيْخ غَـارِقَةٌ *** بـدَمْـعِها ، ولدَى قَلْبي تَباريْحُ
إذا تذكَّـرتُ ذاكَ الحبْر هيَـَّجَ لي *** مَـكَـامِناً مِلْؤُها الآهاتُ والبَوْحُ
وكيف أَنسْى الذي كان الحديثُ له *** نَـبْعاً يفيْضُ من الكفيَّنِ مسْفُوحُ
يفنِّـد القَـوْلَ في حال الرُّواة فَقَدْ *** يـقُولُ عنْ ذاكَ متْروكٌ ومجروح
وأَنَّ ذلكَ محْـتَـجٌّ بـه أبَـداً *** لـكـنَّ ذلك مقْبولٌ ومرْجُوح
وكيف أنْسَى الذي كانتْ بسَاحتِه *** طوائفٌ نقْدُها في الكتْب مشْروحُ
تراه يُبْدِي عَوار القَومِ فـي ثِقَةٍ *** فـدَرْبُهُ الـنُّورُ تعْديلٌ وتَجرْيحُ
إنْ قامَ يُثْني على شخصٍ فبُغْيَتُهُ *** أن تَرْتَقِي في سَما حقٍّ به الروحُ
أو قامَ يجْرحُ بِدْعياً فَمقصَـدُهُ *** أن يَنْتَهي رأْيُه فالرَّأي مَطْروحُ
وكيفَ أنْسى بهذا الصَّرْحِ غَضْبتَهُ *** على دُعَاةٍ لهم في الشَّر تَرْشيحُ
وكم يجيئون نحو الشيخ يقْدُمُهُمْ *** تَزلُّفٌ أن بابَ الـخَير مَفْتوحُ
ويطلبونَ اتِّفاقاً إذ قَـوافِـلُهُم *** لـه تباكتْ، وهل تَبْكي التَّماسيحُ؟
هناك يـزْأَر شَيْخي في وجوههم *** فليـس يبْقَى أمامَ الشيَّخِ منبوحُ
فكيف أنْسى بهذا الصَّرْح صَولتَهُ *** وشِدَّةً ذاقَها قـومٌ مَـمَاسيحُ[1]
وكيف أنْسى بهذا الصَّرْح بسْمتَه *** بِبِشْره تُشْـرِقُ الأنفاسُ والروحُ
ذاك ابن هادي أُسَليِّ النَّفْسَ عنه بمنْ *** أتى يعزِّي ودربي اليومَ مفْسُوحُ يا زائرونَ صروحُ العِلْم ماثِلةٌ *** أَمَامَكُم بل بِها التَّعليمُ ممنوحُ
جئتُم إلينا فأهلاً مرْحَباً ولكم *** في القلب حُبٌ وذاك الحبُّ ممدوحُ
جئتُم إلينا وفي الخيرات يقْدُمُكُمْ *** مُفْتي الجنوبِ أَلا فَلْيسْلُ مجْروحُ
أعني ابن يحي هو النجميُّ[2] حين غدَا ***نجْماً يضيءُ بهذا العلْم طَحْطُوحُ[3]
فإنْ رأى داعياً للشر كان له *** في ثَلْبِه بِـيَراع الحقِّ تَشْريحُ
هذا وقد صَارَ في الخيرات يتْبَعُهُ *** من أَهْلِ جازانَ أقوامٌ جَحَاجِِِِِيحُ[4] يا مدْخَليونَ إن الخيرَ دَرْبـُكُمُ *** يا رُبَّ خيـرٍ له أنـتُم مفَاتِـيحُ
منكم ربيعُ [5] الهُدى في العلم جامعةٌ *** وفي الردود لأَهْلِ البغْي تَقْبيـحُ
كذا ابنُ هَاديْ[6] على مِنْوال سِيْرتِه *** يسِيْرُ إذ نهجُه كشْفٌ وتَوضيحُ
والشيخ هَاديْ [7] له في البذْلِ سابقةٌ *** وفي النَّدى آيةٌ يحدوه تسبيحُ
فإن أردتَ هنا حَسَّان دعْوتهم *** فذاك زيدٌ [8] له بالشِّعْـِر تَصْـريحُ
وكم رجالٍ لهم في الفضْل منـزلةٌ *** في نُصْرةِ الحقِّ أقوامٌ طحاطيحُ يا مدْخَليونَ عُذْراً إن تناولكم *** وغْدٌ له من بقايا طَعْنه ريحُ
فحسْبُه أنْ يرى في الدَرْب صاعِقَةً *** مِن قَصْفِ شِعْري وهذا الشِّعر ممدوحُ
فإنْ توالى عليه الرَّدُّ صار به *** كَمِـعْزة فهو مرْكُولٌ ومنْطوحُ
هناك يبقى عدوُّ الله في هَلَعٍ *** كأنَّه من سُيوفِ الشِّعْر مذْبُوحُ
يا قادمونَ إلى دماجَ إن لكم *** تَـحيةً ولكم في القَلْبِ تَبْريحُ
جئتُم إليها وفي آفاقها لمَعَتْ *** أنوارُكُم إذ بها أنتمُ مصَابيحُ
حيَّاكم اللهَ ما فاحَتْ مرَابِعُكُم *** وَرْداً وفاحَ بها الرَّيحانُ والشِّـيْحُ
فَذِي ثلاثُونَ بيتاً قد أضَفْتُ لها *** سَبْعاً وفي نَظََْْمِها التقْصيرُ مسْمُوحُ
كان الفراغ من هذه القصيدة بعد عصر يوم الأربعاء
الموافق لليوم الثالث من جمادى الثانية
لعام 1422 هـ
بقلم الشاعر
محمد الديسطي