بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
فقد جاء في الأذان والإقامة في أذن المولود ثلاثة أحاديث وهي :
الحديث الأول :
حديث الحسين بن علي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( من ولد له ولد فأذن في أذنه اليمنى ، وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان ) .
هذا الحديث موضوع .
رواه أبو يعلى كما ذكر الهيثمي في ( المجمع ) ( 4 / 95 - طبعة دار الفكر ) ، وعنه
ابن السني في ( عمل اليوم والليلة ) ( ص 220 - طبعة دار المعرفة ) ، وكذا ابن عدي
في ( الكامل ) ( 9 / 24 - طبعة دار الكتب العلمية ) .
قلت : وسنده مُظلم :
1 - فيه جبارة بن مغلس ، ضعيف .
2- وقال الهيثمي : ( وفيه : مروان بن سالم الغفاري ، وهو متروك ) .
3- وفيه يحيى بن العلاء قال الذهبي في ( الميزان ) ( 4 / 397 - طبعة دار المعرفة ) :
( قال أحمد بن حنبل : كذاب يضع الحديث ) ، وذكر جملة من أحاديثه ومنها هذا الحديث .
فائدة معترضة :
قال الذهبي عن يحيى هذا كما في ( المصدر السابق ) : ( كان فصيحا مفوها من النبلاء ) .
وذكر أيضا : ( عن عبد الرزاق قال : سألت وكيعا عن يحيى بن العلاء قال : أما رأيت
فصاحته ؟
قلت : على ذلك ما تنكرون منه ؟ . قال : يكفي أنه روى عشرين حديثا في خلع النعل على
الطعام ) اهـ .
فانظروا أرشدكم الله لطاعته كيف أنهم لم يغتروا بفصاحة الرجل ، وبينوا ما عنده من الكذب
حماية لهذا الدين ، وذبا عن سنة سيد المرسلين ، فرحم الله أهل الحديث رحمة واسعة .
الحديث الثاني :
حديث أبي رافع رضي الله عنه قال :
( رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته
فاطمة بالصلاة ) .
وهو حديث ضعيف .
رواه أحمد في ( المسند ) ( 6 / 14 - طبعة المكتب الإسلامي ) ، وأبو داود في ( سننه )
( 4 / 328 - طبعة دار الفكر ) ، والترمذي في ( سننه) ( 3 / 175 - طبعة دار الجيل ) ،
وعبد الرزاق في ( مصنفه ) ( 4 / 336 - طبعة المكتب الإسلامي ) وغيرهم .
كلهم من طريق سفيان الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن عبيد الله بن أبي رافع عن
أبيه قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . الحديث ) .
قلت : عاصم بن عبيد الله ضعيف .
انظر ( ميزان الاعتدال ) ( 2 / 353 ) وقد نقل الذهبي عن شعبة لطيفة : ( كان شعبة يقول : عاصم بن عبيد الله لو قلتَ له مَنْ بنى مسجدالبصرة لقال :
حدثنا فلان عن فلان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم بناه ) .
ورواه أيضا الطبراني في ( المعجم الكبير ) ( 1 / 313 ) ، ( 3 / 31 ) من طريق حماد بن شعيب عن عاصم بن عبيد الله عن علي بن الحسين عن أبي رافع بلفظ :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أُذن الحسن والحسين حين ولدا وأمر به ) .
قلت : قال الهيثمي في ( المجمع ) ( 4 / 95 ) :
( وفيه : حماد بن شعيب ، وهو ضعيف جدا ) .
الحديث الثالث :
حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :
( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في أُذن الحسن بن علي يوم ولد ، فأذن
في اليمنى ، وأقام في اليسرى ) .
وهو حديث موضوع .
رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) ( 15 / 101 - طبعة الدار السلفية ( الهند ) ) .
قلت : فيه محمد بن يونس الكديمي قال عنه ابن عدي في ( الكامل ) ( 7 / 553 ) :
( اتهم بوضع الحديث وبسرقته ، وادعى رؤية قوم لم يرهم ، ورواية عن قوم لا يُعرفون ، وترك عامة مشايخنا الرواية عنه ومن حدث عنه ) .
وانظر ( ميزان الاعتدال ) (4 / 74 ) .
وفيه أيضا الحسن بن عمرو بن سيف قال الحافظ في ( التهذيب ) ( 1 / 507 ) :
( قال البخاري كذاب ، وقال أبو أحمد الحاكم : متروك الحديث ) .
الخلاصة :
أن الحديث الأول والثالث موضوعان ، والحديث الثاني ضعيف وليس فيه ذكر للإقامة ،
ولا يوجد له شاهد يتقوى به .
وعليه فلا يشرع التأذين في أذن المولود ؛ لعدم وجود الدليل .
وانظر ما قاله الشيخ الألباني - رحمه الله - حول هذه الأحاديث في
( سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ) ( رقم : 321 ) ، ( والإرواء ) ( 4 / 401 ) .