بسم الله الرحمن الرحيم
لدى: ظرف مشترك ملازم للإضافة للمفرد ،(منهج السالك للأشموني مع حاشية الصبان)
وتدخل عليه (من) دون غيرها خلافا لابن هشام كما قال الشاعر:
عن الكلم المحكم الآي من....لدى الله ذي الرأفة الأرأف
والصحيح أنه معرب كما صرح به ابن هشام في المغني، (حاشية الصبان)
قال أبو المواهب العلوي في السبك العجيب نظم المغني (98):
..........عند ولدى.....أعربتا بشهرة فيما بدا
ونقل الدماميني في شرحه على المغني(66 ) قول الرضي بالإعراب أيضا
وهذا هو الصواب لعدة أسباب:
ضعف البناء شبها وضعيا
ومعنى كونها بمعنى عند في جميع خصائصها
واستعمالا كونها تقع عمدة ولا تضاف إلى الجملة بخلاف-لدن-المبنية
فإن قلت : كيف تقول بالإعراب وعند الإضافة للضمير يرد عليك
أجبت: بأن السكون على الياء عند الإضافة للضمير إنما هو للتخفيف كراهة توالي أربع حركات ، كما قيل في الماضي عند اتصاله بضمير مخاطب ، وهذا عند من يقول بالإعراب لا بد منه ، ألم تر أنك لو قلت (لَدَيَك) كان ثقيلا،وهو أيضا وارد في (لدن) التي هي لغة في (لدى)كما في (القاموس للفيروزآبادي)، ففي حاشية الصبان (2/4/861) وجه -رحمه الله- إسكان الدال في لغة من أعرب (لدن) بأنه للتخفيف ، والأصل ضمها كما في (التسهيل) و(الهمع) ، ولذلك قرأ أبو بكر عن عاصم بإشمام الدال الضمة مع السكون إشارة منه إلى أن أصل المحذوف ضمة.
ومما يزيده قوة أنه مجيء على الأصل ، والمجيء على الأصل لا يسأل عنه
فائدة: لدى لها معان عدة منها :
-أنها بمعنى (إلى) التي للتبيين ، كما تقول : زيد أحب لدي من عمرو
-أنها بمعنى (في) كما تقول: زيد لدى النزال شهم ، وانظر (حاشية الملوي على المكودي)
فائدة أخرى:
من العرب من يقر الألف مع الضمير كما قال الشاعر:
فلو برئت عقولكم بصرتم.....بأن دواء دائكم لدانا
(الكواكب الدرية) لابن عبد الباري
فائدة ثالثة: تثنية (لدى) : لدوان ، لأن الأصل في حرف العلة واوٌ (التبصرة للصيمري)
فائدة رابعة : إذا كانت لدى بمعنى (في) فإنها تكتب بالياء ، وإذا كانت بمعنى (عند) فإنها تكتب بالألف (حاشية الملوي على المكودي)
وقد ادعى قوم اختصاصها بالأعيان منهم ابن الشجري في (أماليه)، وهذا غير صحيح مطلقا فقد اعترض الصبان في (حواشيه) على ما نقله الأشموني عنه بقوله:والصواب أنه قليل لا ممتنع ، ثم رأيت بعضهم رد المنع بقوله تعالى
( ما يبدل القول لدي))
قال السلمي -عفا الله عنه-:والراجح الرد مطلقا،
ومن الشواهد على بطلان هذا الزعم ما في لامية الشنفرى الأزدي:
هم الرهط لا مستودع السر ذائع ....لديهم ولا الجاني بما جر يخذل
وفي الكامل للمبرد (2/335)قال جرير في رثاء زوجته:
نعم الخليل وكنت علق مضنة....ولدي منك سكينة ووقار
وفي عدة السالك (3/89)وشرح الأشموني (2/4/836)قال الفرزدق :
أتي الفواحش عندهم معروفة ...ولديهم ترك الجميل جميل
وفي الأشموني(1/4/320)لشاعر لم يسم:
حسبتك في الوغى مردى حروب...إذا خور لديك فقلت سحقا
فيه أيضا لشاعر لم يسم:
كلا الضيفن المشنوء والضيف نائل...لدي المنى والأمن في العسر واليسر
وفيه أيضا(3/4/1377)وفي أوضح المسالك (4/202)قال الحارث بن خالد المخزومي:
فأما القتال لا قتال لديكم...ولكنّ سيرا في عراض المواكب
وفيه(1/4/264)وأوضح المسالك(1/152) لشاعر لم يسم:
ما الله موليك فضل فاحمدنه به...فما لدى غيره نفع ولا ضرر
وفي شرح المعلقات للشنقيطي (155)قال الحارث اليشكري في معلقته:
ملك مقسط وأفضل من يمشي ...ومن دون ما لديه الثناء
وفيه(157):
ملك أضرع البرية لا يوجد....فيها لما لديه كفاء
وفي البداية والنهاية(3/91)لأبي طالب:
فإني وإياكم كما قال قائل...لديك البيان لو تكلمت أسود
وفيه (5/ 24)لحسان -رضي الله عنه-:
ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي...من للجلاد لدى العقاب وظلها
هذا جزء يسير جدا من شعر العرب فكيف لو تتبعنا الدواوين الخاصة والعامة كأشعار الهذليين وغيرهم
وقد اشترط الحريري والعسكري وابن الشجري الحضور في متعلق -لدى- (منهج السالك للأشموني)والظاهر أن هذا غير صحيح دائما
1-لأن غير الأعيان لا توصف بالحضور
2-بعض الشواهد التي تخالف ما ذكروه منهاما في الأوضح (2/27) والأشموني(2/4/735)
بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة ....لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا
قال محيي الدين في (عدة السالك): أي حال كونه لديكم ذليلا
وفي الأوضح مع عدة السالك (1/145) لأمية بن أبي عائذ الهذلي:
ألا إن قلبي لدى الظاعنين....حزين فمن ذا يعزي الحزينا
و(لدى) هنـا بمعنى: على ، وهي لغير الحاضر.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه: محمد الديسطي