يقول تعالى:{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} غافر 60، ويقول:{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } البقرة 186، ويقول صلى الله عليه وسلم:" الدعاء هو العبادة" أخرجه أحمد [ 17888، 17919] وأبو داود 1479 والترمذي [ 2969، 3247] عن النعمان بن بشير وصححه. ويقول:" من لم يسأل الله يغضب عليه" أخرجه البخاري في الأدب المفرد 658 والترمذي 3373 عن أبي هريرة رضي الله عنه وصححه. وكان عليه الصلاة والسلام لاهجا بدعاء ربه في كل حالاته، قد فوّض أمره لمولاه، وأكثر الإلحاح على خالقه يناشده رحمته وعفوه، ويطلب برّه وكرمه، وكان يختار جوامع الدعاء الكامل الشامل كقوله:" اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" أخرجه البخاري [ 4522، 6389] ومسلم 2688 عن انس رضي الله عنه. وقوله:" اللهم إني أسألك العفو والعافية" أخرجه أحمد 4770 وأبو داود 5074 وابن ماجه 3871 والحاكم 1902 عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه.
وكان يكرر الدعاء ثلاثا، ويبدأ بالثناء على ربه، وكان يستقبل القبلة عند دعائه، وربما توضأ قبل الدعاء، وكان يعلم الأمة أدب الدعاء، كالبداية بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله، ودعاء الله بأسمائه الحسنى، والإلحاح في الدعاء، وتوخّي أوقات الإجابة كأدبار الصلوات، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، ويوم عرفة، وفي حالة السجود والصوم والسفر، ودعوة الوالد لولده، وكان عليه الصلاة والسلام وقت الأزمات يلحّ على ربه ويناشده، ويكرر السؤال مع تمام الذلّ والخوف والحب وحسن الظن، وتمام الرجاء، كما فعل يوم بدر ويوم الخندق ويوم عرفة.
وكان الله يجيب دعوته ويلبّي طلبه، كما حصل له على المنبر يوم استسقى فنزل الغيث مباشرة، ويوم شق له القمر، وبارك له في الطعام والمال، ونصره في حروبه، ورفع دينه وأيّد حزبه وخذل أعداءه، وكبت خصومه، حتى حقق الله له مقاصده وأكرم مثواه وجعل له العاقبة صلى الله عليه وسلم.